خلال السنوات السابقة، تدهور حال مراكز التلاسيميا في المشافي والعيادات العامة وشهدت نقصاً عاماً في كميات الدم المتوفرة والأدوية والاختبارات الضرورية، وبعضها اختفى تماماً، ليقتصر بيعه على السوق السوداء.
في الأشهر الثلاثة الأخيرة، تدهور الوضع لدرجة كبيرة، نتيجة لإعادة هيكلة بنوك الدم التي كانت تتبع لوزارة الدفاع، كما توقفت دوائر الدولة عن طلب وثيقة التبرع بالدم التي كانت إجبارية لإتمام معظم المعاملات الحكومية، في وقت تعاني معظم المستشفيات من نقص في الأدوية والكادر. كل ذلك، جعل حياة آلاف من هؤلاء المرضى تحت خطر الموت حرفياً.
هذا الأسبوع تستمر حملات التشجيع على التبرع بالدم لصالح مرضى التلاسيميا في معظم المحافظات السورية؛ فيما يُنتظر من وزارة الصحة أن تضع حلولاً جذرية لمرض تزيد معدلات انتشاره في سوريا عن النسب العالمية…
كانت بنوك الدم السورية تتبع وزارة الدفاع، وكانت ورقة التبرع بالدم، مطلوبة عند إجراء معظم المعاملات الحكومية. عند سقوط النظام، توقف العمل بهذه الوثيقة، فيما انهارت منظومة بنوك الدم بشكل كامل. اليوم، بدأت وزارة الصحة بإعادة هيكلتها، ويعتمد آلاف المحتاجين للتبرع بالدم نتيجة الحوادث، على تبرع مباشر من أقاربهم ومعارفهم.
مرضى التلاسيميا يحتاجون نقل دم دائم كل 2-3 أسبوع، حسب الحالة. هؤلاء يعيشون تحت تهديد بالموت، يتجدد أسبوعيا. ويبرز الحاجة الملحة إلى إعادة تفعيل وهيكلة منظومة التبرع بالدم وإعادة إلحاقها بوزارة الصحة.
خلال السنوات السابقة، تدهور حال مراكز التلاسيميا (وحدات نقل الدم) في المشافي والعيادات العامة وشهدت نقصاً عاماً في كميات الدم المتوفرة والأدوية والاختبارات الضرورية قبل وبعد نقل الدم إلى جانب إبر الحساسية التي اختفت من السوق تماماً.
في الأشهر الثلاثة الأخيرة، تدهور الوضع لدرجة كبيرة، فقد أصبح مطلوباً من المريض أن يقوم بتأمين الدم من متبرع بنفسه، علماً أن مريض التلاسيميا يحتاج ما يقارب وحدتين دم في الشهر، أيّ أنّ عليه تأمين ما يقارب 24 متبرع في السنة.
يعتمد المرضى الآن على نقل الدم من معارفهم وعلى حملات تبرع تقوم بها بعض الجمعيات الأهلية الداعمة لقضيتهم.
لطالما شهدت الأدوية الضرورية مثل خالبات الحديد نقصاً لدى المشافي الحكومية وأحياناً كان يتم بيعها في السوق السوداء، لكن في السنوات الأخيرة، ومع فرض العقوبات على سوريا، أصبح الحصول على المنتج الأوروبي شبه مستحيل، وكان يتم الاستعاضة بالأدوية الإيرانية والهندية التي اشتكى بعض المرضى من أعراضها الجانبية الخطيرة عليهم. بعد سقوط النظام، اختفت جميع الأدوية إلا القادمة عن طريق التهريب، وهي بأسعار خيالية.
الأمر لا يتوقف على التبرع والأدوية، فهناك حاجة لمواد التصالب، لإجراء التحاليل اللازمة للأمراض المتعارف عليها كالتهاب الكبد AأوB، والإيدز والعامل الاسترالي ومطابقته مع دم المريض. فيما تعاني كل المستشفيات والمراكز والمخابر من نقص في كل المستلزمات الصحية وحتى الكادر الطبي.
يحتاج مريض التلاسيميا إلى عناية طبية دائمة، ويؤدي عدم نقل الدم في أوقات محددة وانخفاض خضاب المرضى وارتفاع نسبة الحديد في الدم إلى مضاعفات خطيرة ومميتة. خلال العقد الماضي، تدهور حال العديد من مرضى التلاسيميا في سوريا، وزادت نسبة الوفيات بينهم، كما أدى عدم توفير العلاج إلى تقلص العمر المتوقع للمرضى بشكل كبير.
تقدم بعض المشافي الخاصة هذه الخدمات لمرضى التلاسيميا الميسورة أحوالهم بتكلفة تصل إلى مليون ومئتي ألف ليرة سورية.
اليوم يرفع مرضى التلاسيميا صوتهم، في وقت هناك مئات من المرضى ممن لم يحصلوا على أي نقل للدم منذ أكثر من شهر مع خضاب لا يتجاوز 4 و5، مما يعرض حياتهم للخطر الوشيك.
خلال هذا الأسبوع، تستمر حملات التبرع بالدم لمرضى التلاسيميا في دمشق وحمص وحماة.
جمعية أصدقاء مرضى التلاسيميا، فريق طبابتك، الهلال الأحمر السوري، ومجموعة نبضة أمل لمرضى التلاسيميا، حركة وطن في إدلب، يستمرون بإطلاق حملات التشجيع على التبرع بالدم في جميع المحافظات.
وفقاً لإحصائيات وزارة الصحة فقد بلغ عدد مرضى “التلاسيميا” الذين يتلقون علاج نقل الدم 5830 مريضاً، وتحتل محافظة دمشق المرتبة الأولى من حيث عدد المصابين بالمرض تليها محافظة حلب.
في الوقت نفسه، لا يوجد إحصائيات تبيّن العدد الحقيقي لحَملة التلاسيميا، أو كما يُعرف بـ”الحامل الصامت” الذي لا يظهر إلا عند الفحص. فالمريض يبدو سليماً ظاهرياً، أما فعلياً فقد يكون حاملاً للمرض، ولا يتم ملاحظة أي مشكلة لديه، إلا عند زواجه من إحدى قريباته الحاملة للمرض، وعندها ستكون النتيجة 25 بالمئة، من الأولاد مصابين و25 سليمين، و50 بالمئة حاملين للمرض كأبويهما، وبالتالي ظهور المشكلة ذاتها عند هؤلاء الأطفال مستقبلاً عند زواجهم من إحدى قريباتهم. وكل عام يولد في سورية مئتا طفل لديهم نفس المرض.
التلاسيميا اضطراب وراثي، غير معد. ينتج بسبب تغير في الجينات اللازمة لإنتاج الهيموغلوبين والذي بدوره يُمكن خلايا الدم الحمراء من حمل الأوكسجين إلى كافة أعضاء الجسم. تؤدي التلاسيميا في حالاتها الخفيفة إلى فقر الدم؛ ولكن تتطلب الأشكال الأكثر حدة عمليات نقل دم منتظمة، مدى الحياة (كيس أو كيسن دم كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع حسب الوزن والخضاب) ونتيجة لنقل الدم الدائم يحتاج المريض إلى خالبات الحديد بشكل دائم لأن ارتفاع نسبة الحديد تؤدي إلى تراكمها في القلب والكبد والكلى والدم وتؤدي إلى الوفاة.
يصاحب مرض التلاسيميا عدة أمراض أخرى منها السكري وتأخر البلوغ وفشل النمو والتعرض لأخطار نقل الدم والفشل القلبي والكلوي ومضاعفات صحية قاتلة.
للوقاية من الإصابة بمرض التلاسيميا يجب إجراء تحاليل ما قبل الزواج، وتحديداً تحليل رحلان الخضاب خاصة في حال وجود أقارب مصابين بالمرض.