الإرادة

لسنا منظمة عمل مدني أو جمعية خيرية، الحركة السياسية النسوية تعرف عن نفسها

 منصة إرادة- مادلين جليس

اقتصر المؤتمر الصحفي الذي عقدته الحركة السياسية النسوية في دمشق لأول مرة على التعريف بالحركة وعضواتها اللواتي جاء أغلبهن من دول الخارج بعد نفي سنوات طويلة خارج الوطن الأم سورية. المؤتمر الذي لم يعطِ هامشاً كبيراً للأسئلة الصحفية ولا الاستفسارات أو المقترحات، ربما عوضه الطيف الواسع للسيدات أعضاء الحركة اللواتي تحدثن عن رؤيتهن لسوريا بعد سقوط نظام الأسد.

بدأ المؤتمر مع ألمى قضماني التي تحدثت عن نضال المرأة السورية عبر التاريخ بدءاً من إيقاف مجلة العروس ١٩٢٥ سنة الثورة السورية الكبرى لمالكتها ماري عجمي، بسبب إعلانها الثورة ضد المستعمر الفرنسي، وصولاً لنازك العابد “جان بارت العرب”، التي عملت بالسر ضد المحتل كما فعلت عدد من العضوات النسويات اللاتي تعرضن لذات المصير الذي تعرضت له نازك العابد من النفي خارج البلاد، واللاتي عدن الآن للمشاركة في الحياة السياسية من قلب العاصمة دمشق.

وجدان ناصيف الكاتبة وعضوة الأمانة العامة في الحركة وإحدى مصممات برنامج المشاورات الوطنية الذي قاد حضور الحركة السياسية النسوية على الأرض لمدة سبع سنوات، لم تخفِ تأثرها بلقائها بزميلاتها لأول مرة في دمشق لكنها في الوقت نفسه عبّرت عن فرحها بالاجتماع بهن في ظل الانتصار الذي تعيشه سوريا بكامل أطيافها، مشيرة أن النظام القديم عمل على عرقلة العملية السياسية خلال السنوات الماضية.

وأضافت ناصيف: قد نكون لانعرف مانريده كسوريين لكن نعرف ما لانريده، فكل السوريين لا يريدون تكرار تجربة حكم مستبد جديد، ولا تكرار تجربة المعتقلات. وأضافت أن الحركة ليست حركة خارجية بل هي جزء من الشعب السوري وقضيتها هي قضية الشعب السوري كله، ولذلك فإن كلمة سياسية جاءت قبل كلمة نسوية، وهي الحركة التي أطلقت احتجاجاً على عدم تمثيل يتساوى مع المسؤولية الكبيرة والعبء الكبير الذي حملته النساء السوريات المشاركات بالثورة والعاملات بالتنسيقيات وبالعمل الإغاثي والإنساني، خاصة أن آلاف النساء لم يكن يعملن قبل الثورة، لكن خلالها أصبحن يعملن بعملين أو أكثر حملن أعباء الأسر وكثير منهن اصبحن المعيل الوحيد لأسرهن.

ضحايا الحرب من النساء

وعلى الرغم من أن صفة “النسوية” واضحة لدى الحركة، إلا أنه كان من الملفت عدم الإشارة عن أوضاع النساء في سوريا والأولويات بهذا الخصوص، فلم تأت أي عضوة على ذكر المعتقلات، والمعنّفات، وذوات الإعاقة خاصة اللواتي تسببت الحرب بإعاقتهن.

وعند سؤالنا عن ذوات الإعاقة بشكل خاص رأت صبا حكيم ممثل المجلس المحلي لمدينة إدلب في المنفى “أن الحركة السياسية النسوية ليست منظمة مجتمع مدني كما أنها لا تقدم دعماً إغاثياً”، مشيرة أن النساء كلهن متساويات بالنسبة للحركة، لكنها لم بررت أن العمل بالسياسة من منظور نسوي جاء رداً على تهميش وجود المرأة في مواقع صنع القرار، وفي الوقت نفسه أكدت تقدير كل التضحيات، خاصة أن سنوات الثورة التي مرت بها سوريا ولّدت احتياجات للجميع نساء ورجال وأطفال. وأشارت حكيم أن سوريا بحاجة لقوانين، فعندما تكون الدولة قوية وقوانينها عادلة للجميع وخالية من الفساد، فهذا مايبعث على الطمأنينة لدى الجميع.

من جهتها، وضعت أليس مفرّج قضايا النساء من ضحايا الحرب في منظور أوسع وأوضحت أن مجرد الحديث عن كون مسار العدالة الانتقالية هو مسار وطني، فإن كل التدابير القضائية التي تتكلم عن ذلك هي جزء من المحاسبة، مشيرة إلى أن جبر الضرر هو أساس العيش المشترك بين جميع السوريين والسوريات، وبينت مفرّج أن جبر الضرر يتحدث عن تعويض مادي للمعتقلين والمعنّفين جنسياً، كما أن ذوي الإعاقة هم جزء من خارطة الطريق الوطنية الني سيعمل بها السوريون في مسار العدالة الاجتماعية.

ولا يمكن لنا أن نذكر ضحايا الحرب دون أن نتذكر عشرات الآلاف من حالات البتر لدى كثير من النساء والرجال والأطفال بسبب الألغام التي ما زالت منتشرة في كل سوريا خاصة درعا ودير الزور والبادية.

عانة النجلاة الملقبة بأم علي في الحركة، أكدت لـ ” إرادة” أن عدد فاقدات الأطراف والبصر في درعا سواء بسبب الصواريخ أو الشظايا أو حتى الألغام التي مازال الضرر منها مستمراً، ولذلك وبحسب أم علي فإن الحركة السياسية النسوية طالبت سابقاً، وتحاول حالياً فتح الموضوع من جديد على أمل معالجته.

نساء ودحكم ديني!

لم تخف بعض عضوات الحركة التوجس النسوي من بعض السلوكيات الممارسة من قبل الإدارة الحالية، وهو ماعبّرت عنه شمس عنتر، التي أكدت أن الحكم الديني في كل الأديان لايؤمن بالمساواة بين الجنسين، وأن النساء ينتقدن أي سلوك يصدر من الإدارة ضد النسوية، لكنها في الوقت نفسه طالبت النساء السوريات بالروية والهدوء في ظل الوضع الضبابي المخيم حالياً، خاصة أن المطلوب حالياً هو انتقاد كل سلوك مضاد للفكر النسوي ومحاولة تعديل مساره لمصلحة الجندرة فالفكر النسوي هو حقوق الإنسان بشكل كامل كما ترى عنتر التي طالبت بالعدالة.

أما خديجة منصور فلا ترى أن توجه الحكومة سيكون للحكم الديني فارتباطاته ليست داخلية فقط بل خارجية وأغلبية الدول لا مصلحة لها بتشكيل دولة إسلامية وهذا ما يتقاطع مع مصلحة الشعب السوري بكل فئاته، التي يفضل أغلبها الدولة المدنية الحيادية التي لا يوجد فيها عسكرة ولا تدين. وأضافت منصور أن الحكم الحالي يحسب حساب المرأة بشكل عام من خلال رفض كل الإجراءات غير الصحيحة وحكومة الأمر الواقع تهتم بإرضاء الدول الداعمة. 

ارتجال غير مدروس

ارتجالية وعشوائية وغير مدروسة، بهذه الصفات الثلاث وصفت أغلب عضوات الحركة قرارات حكومة الأمر الواقع كما أسموها، وكما تضيف صبا حكيم: هم يبررون ونحن نراقب ونقيّم، كما أنهم يعينون ولديهم مبرراتهم الخاصة، الآن لا نعلّق على هذه الفترة، لكننا ننتظر الأول من آذار ونتمنى تواجد عضواتنا في اللجنة التحضيرية وفي مؤتمر الحوار الوطني فهذا يؤدي أن تكون النتائج جيدة لسوريا.

وعكس ذلك رأت خديجة منصور أن هذه الحكومة تختبر مدى رد الشعب بتصريحاتها وقراراتها، والشعب أيضاً يختبر مدى ديمقراطيتهم، لكنهم يتجاوبون مع الشعب انطلاقاً من لمصلحتهم السياسية. بينما طالبت أليس مفرّج أن يتم تشكيل منصة إعلامية رسمية تصدر عنها كل القرارات فهذه اللامركزية في القرارات غير مناسبة أبدا ولا تصلح في الوقت الحاضر كما تؤكد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *