آلاء عون، شابة لبنانية، ستة وعشرون عاماً، من الأشخاص القصار القامة في لبنان، مؤثرة على تطبيق تيك توك، تركز آلاء على التوعية في مجال الحقوق لذوي الإعاقة، كما تحاول من خلال الفيديوهات التي تشاركها في وسائل التواصل الاجتماعي على تشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على حب أنفسهم وتقبلها، كما تنشر الوعي بدور المجتمع عندما يكون غير داعم في تعزيز الشعور بالإعاقة لدى هذه الفئة من الناس، وتهتم آلاء أيضا بنشر آداب التعاطي باللباقة والكياسة مع الأشخاص ذوي الإعاقة، كما تقوم بنشر مقاطع تحفيزية من خلال حسابها على تطبيق تيك توك ليس للأشخاص ذوي الإعاقة فحسب بل لذوي الإعاقة ولغير ذوي الإعاقة.
تقول آلاء بأن بعض الجهات الإعلامية تصور الشخصَ ذا الإعاقة على أنه إنسان ذو طاقات جبارة ومهارات غير تقليدية، الأمر الذي تراه غير صحيح إطلاقاً، فذوو الإعاقة أشخاص عاديون لهم إنجازاتهم الطبيعية التي تحتاج إلى دعم كما لهم إخفاقاتهم بنفس الوقت، وهم ليسوا أبطالاً على الإطلاق ولاوجود للإنسان البطل.
وعلى الصعيد العاطفي فإن المجتمع والإعلام يتناول قضية الحب والزواج بالنسبة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة على أنه معجزة سماوية، فإذا حدث وتمت خطبة شخص من ذوي الإعاقة فسيتم التركيز عليه وكأنه حدث خارج عن الطبيعة. الأمر الذي يتسبب بجرح شخص آخر من ذوي الإعاقة لم يعثر على نصفه الثاني بعد ويشعره بأنه مقصر أو أنه لا يستحق الاهتمام مثل ذلك الذي يحتفي به الجميع بهذه الصورة المبالغ فيها.
أرفض بشكل قاطع أنا كآلاء تسمية (القزم) لما تحمله هذه التسمية من مضمون سلبي يحد من قدراتنا كأشخاص فعالين في المجتمع مثل غيرنا، وإذا طُلب مني أن أعرِّف عن شخص مثلي سأقول (إنسان قصير القامة) حينها أكون وصفت هذا الشخص بإنسان أولاً يتمتع بكامل الحقوق والاحتياجات الطبيعية لأي إنسان ثم سأصفه بقصير القامة لأشرح خصوصية وضعه، فيتمكن الآخرون فهم خصوصية طبيعته الجسدية والتي على الآخر أخذها بعين الاعتبار عند التعامل معه ضمن الحياة اليومية العادية أو ضمن بيئة العمل التي يجب أن يكون مرحباً به فيها.
وبالحديث عن بيئة العمل ترى آلاء بأن معظم ذوي الإعاقة يعانون من البطالة بسبب استبعادهم من مرحلة التعليم بداية الأمر، أو بسبب النظرة النمطية إليهم وحصرهم في دور المستفيد فقط أو في دور الشخص الذي يستحق التعاطف والإحسان لاحقاً، حتى ذلك الذي بذل جهوداً مضنية في بناء نفسه من الصفر واكتسب المهارات فغالباً لا يتم تقييم مهاراته بشكل عادل، وإتاحة الفرصة المناسبة ليتمكن من ترجمة هذه المهارات بشكل عملي يعبر عن نفسه من خلالها.
الأمر الذي يزيد من شعور ذوي الإعاقة بالعزلة والاعتماد على الآخرين، على سبيل المثال آلاء من الأشخاص الذين يحاولون كسر هذه الصورة النمطية وتحاول كسر الجدار المحيط بعالم الموضة والجمال والذي يرحب فقط بالفتيات من غير ذوي الإعاقة و لا يسمح لفتاة من ذوات الإعاقة أو قصيرات القامة بدخول عالم الجمال مهما بلغت موهبتها أو رغبتها في خوض التجربة، هذا الأمر الذي لمسته آلاء عند مراسلتها لجهات تعمل في مجال الموضة حيث يكون الرد بالرفض بسبب الإعاقة أولاً والحجاب ثانياً ليبقي هذا العالم الكرستالي مكرراً غير قابل للتطور أو للتجديد، يبدو بأن هذا الاستبعاد مكررٌ في مجالات أخرى مثل الصحافة والفن والتمثيل والسينما مثلا: فغالباً ما يتم إعطاء شخص ذي إعاقة دوراً ثانويًا، أو دور الشخص الذي أصيب بالإعاقة كعقوبة نتيجة لأفعاله غير الأخلاقية، المضحك المبكي أيضاً بأن يتم تصوير الشخص ذا الإعاقة في نهاية الفيلم أو المسلسل وهو يغادر الكرسي المتحرك في نهاية سعيدة، وكأن جميع من يتحركون من خلال كرسي متحرك لايزالون يعيشون معاناة مرهونة بمغادرة هذا الكرسي وركله بعيدا.
حب حالك أنت بتستحق كل الحب كل شي حلو بيحتاج وقت واللي روحه حلوة كل عمره حيكون حلو وأنا حاسة إني كل عمري حكون حلوة
بهذه العبارات تعلق آلاء عون على فيديوهات التيك توك التي تشاركها مع مجتمعها الافتراضي الذي تطمح جاهدة لنقل تأثيرها فيه إلى الواقع وإلى كل رب عمل، أو عائلة تحاصر فرداً منها إذا كان من ذوي الإعاقة بسياج من الصعوبات الاجتماعية وأفكار جاحدة نمت داخل عقولهم وقامت الموروثات الاجتماعية البالية بتغذيتها، لا يمكننا تجاهل الإعاقة، ولكن بالتأكيد علينا تحرير الشخص ذي الإعاقة من أفكارنا وتصوراتنا المسبقة عنه.
تمت مقابلة آلاء عون في سياق الإعداد للدليل الإرشادي الخاص بذوي الإعاقة
أجرت المقابلة نور أبي فرج
حررت المقابلة: شيماء الخضر