الإرادة

اسمي مروى: حياتي الثانية

مروى سليمان

لم يكن في الحسبان أن أخسر قدرتي على المشي. حادث سير قلب حياتي رأساً على عقب. شلل رباعي… كيف يستطيع أي إنسان أن يتقبّل أن يفقد السيطرة على جسده؟ على أطرافه الأربعة؟ على حياته؟ بأن يبدأ حياة ثانية.
فأنا التي اعتادت أن تكون رسول مساعدة للمرضى، باتت بحاجة لمساعدة لتلبية أمورها الحياتية اليومية.. ولعل أسوأ ما مررت به هو الشعور بأني مجرد “عبء” على من حولي وشعور الشفقة الذي يرافق نظرات البشر وثقافة البشر التي تحكم علينا فقط من منظور جسدي وقد نشعر أن هذا ما يعيقنا للابتعاد وعدم مشاركتنا في المجتمع سواء للعمل والتعلم وغيره…

مضى سنتان على الحادث المأساوي، وفي هاتين السنتين وجدت أن مروة انقلبت أصبحت شخصًا آخر نظراً لكل ما مررت به سواء على صعيد المجتمع، العاطفة، الوضع الجسدي والخ…كل ذلك جعلني شخصاً عقلانياً يلغي قلبه من المعادلة حفاظاً عليه وفي المقابل بات يعتمد على عقله ويفكر قليلاً قبل أن يخوض اي تجربة جديدة في حياته.وصلت لمرحلة وجدت نفسي أني لم أعد أثق بسهولة في أي شخص حتى لو كان أهل للثقة فمروة عندما كانت تمشي على قدميها كان أغلب الأشخاص بجانبها لمصالحهم الشخصية فقط وعندما وقع البلاء نظرت حولي أستنجد وأستند على أشخاص كنت أثق بها فلم أجدهم، حدث لي الخذلان من الجهات التي كنت أحسبها أكثر الجهات أكثر استمرارية وثباتا في حياتي، الكثير خذلوني في أكثر فترة كانت صعبة عليي وكأن الكون كله تآمر عليً، أيضا لم أعد أسمح لأحد بالاقتراب من مساحتي الشخصية، فقد بات تعلقي بمن حولي وخذلانهم لي يشكل وجعاً وعذاباً أكثر من وجع الشلل الذي يمر بي، بت فقط أحتفظ بما في داخلي وأسراري بيني وبين ربي، لا أعتمد على أحد في النهوض من السقوط، ولا أتعشم في أحد وان كان أقرب الناس إليً، لا أسمح للناس باستغلالي نفسياً او عاطفياً مهما كانت درجة قربه مني وتيقنت أن في الحياة قوانين لن تتغير من أجلي أو من أجل أحد وأن الشر والقسوة والتمييز جزء لا يتجزأ منها. ولكن بعد ان تخلصت من ضجيج قلبي بدأت التمس لطف الله في جميع ما حدث لي.

وصلت لمرحلة وجدت نفسي أني لم أعد أثق بسهولة في أي شخص حتى لو كان أهلاً للثقة فمروة عندما كانت تمشي على قدميها كانت أغلب الأشخاص بجانبها لمصالحهم الشخصية فقط وعندما وقع البلاء نظرت حولي أستنجد وأستند على أشخاص كنت أثق بها فلم أجدهم، حدث لي الخذلان من الجهات التي كنت أحسبها أكثر الجهات أكثر استمرارية وثباتا في حياتي، الكثير خذلوني في أكثر فترة كانت صعبة عليي وكأن الكون كله تآمر عليً، أيضا لم أعد أسمح لأحد بالاقتراب من مساحتي الشخصية، فقد بات تعلقي بمن حولي وخذلانهم لي يشكل وجعاً وعذاباً أكثر من وجع الشلل الذي يمر بي، بت فقط أحتفظ بما في داخلي واسراري بيني وبين ربي، لا أعتمد على أحد في النهوض من السقوط، ولا أتعشم في أحد وإن كان أقرب الناس إليً، لا أسمح للناس باستغلالي نفسياً او عاطفياً مهما كانت درجة قربهم مني وتيقنت أن في الحياة قوانين لن تتغير من أجلي أو من أجل أحد وأن الشر والقسوة والتمييز جزء لا يتجزأ منها.ولكن بعد أن تخلصت من ضجيج قلبي بدأت ألتمس لطف الله في جميع ما حدث لي.

صحيح أن الحياة قست علي في بعض الأحيان إلا أنها كشفت لي الكثير من الحقائق التي لم أكن أعلم بها.

وصحيح أن كل ما مررت به هو كابوس عظيم وصدمة كبيرة قلبت حياتي رأساً على عقب وخاصة ان وضعي يختلف عن غيري من ناحية إني لم أخلق بهذا الوضع الجسدي إلا أني دائمًا أخلق الأمل ومتيقنة أن بعد كل ضيق فرج.

كل ما تكلمته لا يعني أني دائما قوية، في النهاية نحن بشر نشعر وبداخلنا كتلة مشاعر ففي بعض الأحيان أضعف وأشعر باللوم واليأس والضوجان وأتساءل هل أنا مذنبة؟ (خصوصاً عندما أرى والدي الرجل الستيني وأمي المرأة الخمسينية يقومون برعايتي بدل أن أقوم برعايتهما في هذا العمر هنا يعز عليي كل ما يشعرون به وأشعر بأني صرت عبئاً عليهم على كافة الأصعدة وأيضا أسأل نفسي هل السبب كان قيادتي للسيارة؟لماذا اخترت أنا؟هل أخطأت بحياتي لأعاقب؟وأحاول البحث عن أجوبتي لأصل بعقلانية أن كل شخص معرض وأننا ضيوف على هذه الدنيا ولا أحد يستطيع تغير المكتوب.وهنا بدأت أبحث عن راحتي وصرت أبحث عن أشخاص مثل حالتي ووضعي الصحي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبدأنا نتبادل قصصنا هذا ما خفف عني الوجع والشعور بالذنب لأن لا أحد يشعر ما نشعر إلا من ذاق الوجع ومهما ما حاول الأخرون التخفيف عني إلا أنني أصبحت أنصت وأسمع فقط.

اعتدت على كثرة الكلام ولم أصل لأحد لحد الآن لمعرفة ما يدور داخلي.

ولكن بالرغم من قساوة الحياة إلا أنها علمتني أن تجربتي مع المرض ليست النهاية، وإنما بداية لمعركة على الإنسان أن يثبت لنفسه فيها أنه قوي بما فيه الكفاية ليواجه ما يعيقه وأنه لا مستحيل بوجود قدرة آلهية وإرادة قوية وأنه مهما حصل للإنسان عليه أن يحتفظ بابتسامته ويتشبث بذلك الأمل الذي يبقيه على قيد الحياة فلا شيء يستحق أن يستسلم الإنسان لأجله أبداً.. وأنه بالعقل يستطيع الإنسان أن يصنع المستحيل.