مدعومة بكل الحب والرضا تقف المهندسة رانية شامية في معرض “صنع في سورية” تبيع العسل المصنوع بعناية ودقة لا مثيل لها، محاطةً بخلية كبيرة من مصابي متلازمة داون، هم فريق عملها النشيط العامل بجهد نحلة يستهويها النقاء قتأخذ رحيقه، لتعيد إنتاجه بصيغة أجمل.. فما هي هذه الصيغة التي حولت خلالها شامية الحب إلى عسل؟!
في المعرض ترى عسلاً يبيع عسلاً. خلية نحل لا تهدأ، أبطالها مصابو متلازمة داون يعملون بكل حماس ويبيعون الحب في مرطبانات كتب عليها : عسل شامية هو عنوان الشركة التي ترأسها المهندسة رانية شامية ويعمل معها مجموعة من مصابي متلازمة داون. معادلة أجمل وأكثر دقة من صناعة العسل نفسها.. تدمج فيها المهندسة رانية شامية فيها ما بين مهنتها كمربية نحل وما بين عملها الإنساني حيث كانت متطوعة بعدة مراكز لدعم الاحتياجات الخاصة تعرفت خلالها على أشخاص مصابين بمتلازمة داون كانت تدربهم على التواصل مع الناس والعروض المسرحية والرياضية. ثم أصبحوا ضمن فريق عملها في الشركة التي أنشأتها وتديرها بعد أن دربتهم وأدخلتهم بمجال عملها… وكانت النتيجة: عسل.
تذكر رانية شامية أن الاشخاص الذين يعملون معها يتقاضون عائداً مادياً وتقول شامية : “أنا فخورة جداً بما وصلت، وسأضيف أيضاً أشخاصاً أكثر من متلازمة الداون لأدربهم على العمل “حابة خلي متلازمة الداون فئة منتجة وليست فئة مهمشة، فئة قادرة على التعلم والعمل والتطور. “بدأ مشروعها منذ حوالي 5 سنوات بمشاركة 15 شاباً وشابة من مصابي متلازمة داون ليصبح عددهم اليوم حوالي 30 شاباً وشابة يحققون دخلاً مادياً من خلال هذا العمل .فهي لمت قسماً منهم/منهن :البيع في المعارض وقسماً أدخلته المناحل وأسمت هذه المبادرة “متلازمة الحب”
اقتحمت صاحبة شركة عسل شامية والحاصلة على الماجستير بالهندسة الزراعية عالماً كان حكراً على الذكور الرجال نظراً لصعوبته والمخاطر المرتبطة به.. “بدأت بهذا المجال سعياً لمصدر رزق ولكنني أحببته وتحول إلى شغف” ثم ما لبثت أن كونت خليتها من فريق نشيط محب للحياة .. رأيناهم في المعرض منخرطين بالعمل والاحتكاك مع الناس .. وهنا تشير رانية إلى نظرة المجتمع تجاه الداون وتقول إنها “مازالت ركيكة وفيها كثير من الشفقة أو التقليل من مقدراتهم وهذا خطأ” وتدعو الجميع لأن يعمل معهم ويبذل جهده مع هذه الفئة لتتغير نظرة المجتمع لهم فهم قادرون على العمل والعطاء …
واليوم تفرض شامية نفسها بفريقها وشركتها وسط مربي النحل في سورية وإلى جانب امتلاكها سبع خلايا نحل في قرية زاكية بريف دمشق تشترك بخلايا أخرى مع نحال آخر ويبلغ الإتاج لديها نحو 200 كيلوغرام وتسعى لافتتاح محل خاص بدمشق إلى جانب متجرها الإلكتروني عسل شامية
الذي تبيع فيه منتوجاتها التي تتوزع ما بين التجميلية وعلاجية للبشرة والشعر إضافة إلى العسل بأنواعه. كما بدأت بتصدير منتجاتها إلى لبنان كخطوة لتطوير خط التصدير إلى الخارج.
فكرة هذه الشركة هي دعوة للتفكير بمصابي متلازمة داون ومقاربة عملهم لطريقة صنع العسل نفسها فمجرد التفكير بها يجعلنا نقدر المجهود الذي تبذله هذه المخلوقات التي تشاركنا الحياة على هذه الأرض والتي لديها نظام حياة رائع يبنى بشكل كامل على التعاون والعمل بكد.