الإرادة

من مقر مهجور إلى مركز للحياة : شباب السويداء يحوّلون إرثاً ثقيلاً إلى فضاء للأمل

إعداد: ضياء الصفدي

في زمن تتراجع فيه مؤسسات الدولة عن أدوارها الخدمية، يتقدّم العمل التطوعي بوصفه ضرورة لا ترفاً. هذا ما أدركه فريق “أبناء السويداء التطوعي”، حين قرر تحويل مقر حزبي قديم إلى مركز ينبض بالمبادرات المجتمعية، ويحتضن جهود مئات المتطوعين الذين آثروا أن يكونوا في صف الناس.

تأسس الفريق عام 2023، ليشكل خلال فترة قصيرة واحدة من أبرز التجارب الشبابية في العمل المدني جنوب البلاد، مستقطباً أكثر من 1300 متطوع من مختلف الاختصاصات. إذ قدّم الفريق منذ انطلاقته سلسلة من الخدمات الحيوية منها: توزيع الأدوية المجانية، ورشات توعية، دورات تعليمية مجانية، حملات تبرع وتنظيف، وتدريب على الإسعافات الأولية، في ظل تنسيق دائم مع المجتمع المحلي وجهات حكومية وخاصة.

نحو بنية تطوعية منظمة ومدربة

يقول هاني علم الدين، رئيس مجلس إدارة الفريق، إن الهدف الأساسي هو “خلق بنى تحتية مدنية قادرة على الاستجابة وقت الأزمات”، مضيفاً أن الفريق يسعى لتوسيع قاعدة بياناته، خاصة فيما يخص مرضى السكري، وتأمين احتياجاتهم الدوائية ضمن الإمكانات المتاحة.

من المبادرات اللافتة أيضاً، إعادة جمع الأدوية من الأهالي والصيادلة، وتصنيفها وفرزها وتوزيعها مجاناً على المحتاجين، ضمن نظام يراعي الجودة والسلامة.

نساء الفريق… في الخطوط الأمامية

تؤكد الصيدلانية ريم دوارة أن انضمامها للفريق جاء من رغبتها في تقديم المساعدة ونشر الوعي الصحي، لا سيما خلال الأزمات. أما نيفين أبو حلا، مسؤولة قسم التعليم، فتشير إلى افتتاح دورات مجانية مخصصة للطلاب المقبلين على شهادتي التعليم الأساسي والثانوية، بإشراف نخبة من المدرسين، إلى جانب مبادرات لمتابعة الأطفال الذين لديهم صعوبات في التعلم ودمجهم في المدارس.

فيما تؤكد آية نصر، مسؤولة قسم الدعم النفسي، أن الفريق لم يغفل الجانب الإنساني الأعمق، من خلال تقديم جلسات دعم نفسي لمرضى السرطان، وأخرى خاصة بذوي الإعاقة داخل منازلهم.

فريق متكامل… يعمل بروح واحدة

يتوزع الفريق على أقسام متعددة تشمل: الإسعاف الأولي، الدعم النفسي، التعليم، الإغاثة، الكوارث، الدفاع المدني، الهندسة، الإعلام، القانون، العلاقات العامة، والرياضة. وهي بنية مرنة ومنظمة، تؤكد أن الشباب قادرون على تحويل البنى المهجورة إلى مساحات نابضة بالحياة والعطاء.

في السويداء، حيث تتكثف التحديات، يثبت هؤلاء الشباب أن الانتماء لا يُقاس بالشعارات، بل بالفعل اليومي، وبأن من رحم المعاناة يمكن أن تولد المبادرات التي تصنع الفرق.