أعداد: محمد الواوي
في محافظة السويداء، حيث يجتمع اليوم فرح النصر بالألم الذي ما يزال حاضراً في حياة الكثير من السوريين من أهالي الشهداء والمعتقلين. أطلق الدكتور أكرم أبو عمر، الحاصل على ماجستير في آلية تأثير الدواء ومدير مخبر طبي، مبادرة إنسانية تحت عنوان “مبادرة معتقل”. تهدف هذه المبادرة إلى تقديم الرعاية الطبية والنفسية للمعتقلين الذين خرجوا حديثاً من سجون النظام بعد سنوات من الظلم والمعاناة، في محاولة لتخفيف آثار ما عانوه خلف القضبان.
ومن خلال اللقاء يكشف الدكتور أبو عمر لنا حقائق مروعة عن الوضع الصحي للمعتقلين الذين أُطلق سراحهم حديثاً من سجون النظام. مبادرة الدكتور أكرم، لا تهدف فقط إلى تقديم الرعاية الطبية والنفسية لهؤلاء الأحرار، بل تلقي الضوء أيضاً على فظائع النظام السابق، حيث تشير التحاليل الطبية إلى الإهمال المتعمد والتعذيب النفسي والجسدي الذي تعرض له المعتقلون، ما ترك آثاراً كارثية على صحتهم.
هذه المبادرة ليست مجرد عمل إنساني، بل شهادة على الانتهاكات الممنهجة التي مورست بحق المعتقلين، ورسالة أمل لضحايا الظلم بأنهم لن يواجهوا هذا الألم وحدهم.
نتائج صادمة من المسح الطبي
أجرى الدكتور أبو عمر وفريقه تحاليل مخبرية شاملة لحوالي 100 معتقل، كشفت عن حقائق مروعة، نتيجة لسنوات طويلة من الإهمال وسوء المعاملة. تضمنت النتائج ما يلي:
-
نقص حاد في فيتامين D: مؤشر واضح على عدم تعرض المعتقلين لأشعة الشمس لفترات طويلة، إلى جانب سوء التغذية المزمن.
-
نقص في فيتامين B12: ناتج عن سوء التغذية والإصابة بالعدوى بالبكتيريا الملتوية البوابية بسبب التلوث الغذائي.
-
نقص شديد في المعادن الأساسية: مثل الزنك، والمغنيسيوم، والحديد، والكالسيوم، مما يضعف وظائف الجسم الحيوية.
-
وظائف الكبد والكلى سليمة: خبر مطمئن نسبياً، يشير إلى أن المعتقلين لم يتعرضوا لتلف كبير في هذه الأعضاء.
-
إصابات معدية: تم تسجيل أكثر من 50% من الحالات المصابة بمرض السل الرئوي، وبعضها يخضع للعلاج حالياً، إضافة إلى حالة واحدة بالكوليرا، في حين لم تُسجل أي حالات لالتهاب الكبد الفيروسي أو الإيدز.
-
كما يذكر الدكتور أكرم أن معظم المعنقلين يعانون من ظروف وأمراض نفسية شديدة مثل الهيستيريا، الفصام وفقدان الذاكرة.
رعاية بلا مقابل… شرفٌ وتقدير للتضحيات
حتى الآن، تمكن الفريق الطبي من إجراء مسح طبي ومخبري لأكثر من 25 معتقلاً، مع الاستمرار في استقبال المزيد يومياً. وبلا أي أعباء مالية تُفرض على المعتقلين، يقول الدكتور أبو عمر:
“هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لكم. أنتم ضحيتم بسنوات من حياتكم في سجون الظلم، وواجبنا أن نقف بجانبكم لإعادة بناء صحتكم ومستقبلكم.”
رسالة إنسانية تتجاوز الألم
“مبادرة معتقل” ليست مجرد مسعى طبي، بل هي رسالة أمل ووفاء لكل من عانى من القهر والحرمان. إنها تأكيد على أن المجتمع السوري لا يزال يملك قلوباً مفعمة بالإنسانية، رغم كل ما مر به. بجهود الدكتور أكرم أبو عمر وفريقه، تُزرع بذور التعافي في أجساد المعتقلين وقلوبهم، ليعودوا جزءاً فعالاً من نسيج المجتمع السوري.