وسط روايات الصراع والنزوح السورية ، تكمن قصة أكثر هدوءًا ولكنها مؤثرة بنفس القدر – محنة كبار السن الذين يتصارعون مع الوحدة، وغالبًا ما يتم التخلي عنهم بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم. هؤلاء هم الكبار الذين قاموا في السابق برعاية العائلات، وقدموا الحكمة، وقد تُركوا الآن ليعيشوا سنوات الشفق من حياتهم في عزلة.
بالنسبة للعديد من كبار السن السوريين، بدأت الرحلة نحو الوحدة مع اندلاع الحرب. ومع اجتياح العنف لمجتمعاتهم، تمزقت عائلاتهم. واضطر الأبناء والبنات إلى الفرار بحثاً عن ملجأ في أراضٍ أكثر أماناً، تاركين وراءهم آباءً مسنين لم يتمكنوا من الشروع في رحلة الهروب الشاقة. أدى الانفصال، الذي فرضته الضرورة، إلى خلق هوة من الفراغ في قلوب هؤلاء كبار السن، الذين أصبحت أسرهم النابضة بالحياة الآن تتردد صدى صمت الغياب المؤرق. ومن هنا جاءت مؤسسة دارنا لتكسر الصمت وتملأ الفراغ..
فكرة الدار
أتت فكرة الدار من السيد نبراس أبو هدير رئيس مجلس الأمناء لما عاناه هو وأصدقاؤه والكثير من الشباب الموجودين خارج القطر من صعوبة التواصل مع الأهل والاطمئنان عليهم وتأمين الرعاية اللازمة لهم، فعندما عاد إلى البلد قرر إنشاء دار للمسنين تقوم على رعايتهم وتأمين احتياجاتهم ومتطلباتهم اليومية والسهر على راحتهم، وكأنهم بين أولادهم دون الشعور بالملل او الضجر او الخوف.
عن شروط القبول في الدار يقول السيد أبو هدير “نستقبل في الدار جميع الحالات من الجنسين، وهناك شروط لقبولهم في الدار أولها أن يكون المسن تجاوز الستين من العمر، وثانيها أن يكون خالياً من الأمراض السارية أو المعدية أو أي مرض عصبي مثل الصرع لأننا غير مؤهلين لخدمة هكذا حالات في الوقت الحالي، طبعا نعمل على دراسة كاملة لأي نزيل بأخذ معلومات كاملة عنه وعن أسرته ونقوم بإنشاء ملف كامل له.
حدمات صحية
عن ماهية الخدمات التي تقدمها الدار للنزلاء أجاب السيد أبو هدير ” نقدم للنزلاء خدمات متنوعة منها الرعاية الصحية على مدار الـ 24 ساعة من خلال فريق طبي متعاون مع الدار يزورها للاطمئنان على النزلاء ووصف الدواء اللازم لهم إن احتاج الأمر لذلك، وفي حال احتاج أي نزيل لزيارة مشفى هناك تعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري لنقله بسيارة الإسعاف مع وجود الفريق الصحي التابع للدار ومتابعة حالته إلى أن يعود إلى الدار معافى”، يتابع بالقول “لدى الدار ممرضات يتابعون الوضع الصحي للنزلاء بشكل دائم مثل قياس الضغط وقياس نسبة السكر بشكل يومي أو عند الحاجة وإعطائهم الدواء في الوقت المناسب، وأيضا لدى الدار صيدلية يوجد فيها مستلزمات إسعافية. وأدوية تخص كل نزيل وأدوية من الضروري وجودها ” .
خدمات نفسية واجتماعية
النزلاء بحاجة إلى من يسمعهم ويتحدثون إليه عما يجول في خواطرهم أو كما يقولون بالعامية “يشكون همهم له أو يفضفضون له” فهناك قسم الدعم النفسي والمعنوي المسؤولة عنه أخصائية اجتماعية، تجلس كل يوم مع النزلاء وتسمع منهم وتتحدث إليهم، وفي حال كان النزيل متعباً أو مزعوجاً تحاول إخراجه من جو الاكتئاب والزعل من خلال أنشطة تقوم بها تؤدي لتحسين وضعه النفسي والذهني مثل موسيقى هادئة أو من خلال نكتة أو حزورة تجعلهم بالنهاية يبتسمون، أهم ما تقوم به الأخصائية الاجتماعية أن تجعل النزيل يشعر بأن دوره بالحياة لا يتوقف عند كبره بالعمر أو ترك أبنائه له بل على العكس بإمكانه مساعدة الأخرين إن استطاع من خلال خبرته بالحياة إما بنصيحة او بأي عمل يستطيع أن يقوم به وبذلك يجعله يشعر بأهمية وجوده بالحياة .
خدمات نظافة وطعام
أما عن نوعية الطعام والنظافة الشخصية للنزلاء أجاب أبو هدير “نهتم في الدار بالنظافة الشخصية للنزلاء، فهناك موظفة مهمتها غسل الثياب بشكل يومي وكيها وأيضاً غسل الأغطية الخاصة بالنزلاء وتنظيف الأسِرّة وتعقيم الغرف بشكل يومي وتهويتها، أما بالنسبة للطعام فهناك موظفة تقوم بطهو الطعام وتعمل على تلبية احتياجاتهم حسب ما يحبون من أطعمة، نحاول أن نبتعد عن الأطعمة المضرة بصحة النزلاء والتي تؤدي لرفع الضغط أو زيادة الكوليسترول أو زيادة السكر بالدم حرصا على سلامتهم” .
خدمات متنوعة
تسعى الدار لمشاركة كافة الجمعيات والمؤسسات أو أي جهة تساهم برسم الابتسامة على وجه المسنين من خلال إقامة أنشطة ترفيهية لهم وتبادل زيارات وإقامة رحلات ونزهات إلى أماكن عامة أو خاصة، كما تحتفل بأعياد ميلاد النزلاء كل على حدة ليشعروا أنهم بين أولادهم وأهلهم ولم يتغير عليهم شيء أبداً، كما يوجد في الدار صالة يجتمع فيها النزلاء ليتبادلوا الحديث ويشاهدوا التلفاز وهناك شبكة الإنترنيت يستطيع النزيل أن يتواصل مع أولاده أو إخوته بشكل يومي إن كانوا خارج البلد أو داخله.
من الجميل أن يكون في سورية دار للمسنين للاهتمام بهم ورعايتهم إن كانت تابعة لجهة حكومية أو خاصة، وأن يشعر النزيل بعد تقدمه بالسن أن هناك من يهتم به في حال أنه لا يوجد أحد من أسرته يعيله أو كان بعيداً عنه لظرف ما، والدار بحاجة لدعم أكثر حتى تستقبل نزلاء أكثر، فمؤسسة دارنا تقبل التبرعات المادية والعينية.
3 Responses
كل الشكر لكم منصة الإرادة لهذه المادة المتقنة والمتكاملة لتغطية خدمات ونشاطات مؤسسة دارنا لرعاية المسنين
نرجو لكم التوفيق في هذا العمل الأنيق والجهد المبذول للإضاءة على جهود المجتمع الأهلي في خدمة المجتمع والقيام بدوره الرديف للمؤسسات الحكومية في تغطية احتياجات المجتمع وفق الإمكانيات المتاحة
كل المحبة والتقدير لجهود مؤسسة دارنا لرعاية المسنين ولمنصة الإرادة التي أضاءت بمهنية واقتدار على عمل المؤسسة 🙏
جهودكم مشكورة💐
كل الشكر لمنصة الإرادة لهذه المادة المتقنة والمتكاملة لتغطية خدمات ونشاطات مؤسسة دارنا لرعاية المسنين…
نرجو لهم التوفيق في هذا العمل الأنيق والجهد المبذول للإضاءة على جهود المجتمع الأهلي في خدمة المجتمع والقيام بدوره الرديف للمؤسسات الحكومية في تغطية احتياجات المجتمع وفق الإمكانيات المتاحة.
#مؤسسة_دارنا_بنيت_بحب_لتكون_بيتك_الثاني