منصة إرادة- محمد رشيد حسن
عقب سقوط نظام الأسد في سوريا توافد الشعب السوري بكافة أطيافه إلى الساحات للمشاركة بالاحتفالات، وكان من اللافت للانتباه وجود شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية الذين عبروا عن فرحتهم مستخدمين لغة الإشارة التي وللمرة الأولى فهمها الجميع، على حد قولهم. كذلك، رأينا ذوي الإعاقة البصرية وهم يرفعون لافتات بلغة بريل التي كتبوها بأنفسهم، وهم يقولون إنها المرة الأولى التي يعرفون ماذا كتب على لافتتاتهم التي عادة ما كان يُطلب منهم حملها دون نقاش.
حتى الآن تبدو مشاركة بقية شرائح الإعاقة شبه معدومة على الأرض، وقد يبدو ذلك مفهوماً في ظل عدم وجود تنظيمات حقيقية تتحدث باسمهم، إلا أن عدداً من الناشطين سارعوا بتشكيل مجموعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل بدء مناقشة تطلعات هذه الشريحة في المرحلة القادمة.
من الوصاية إلى التشاركية
لطالما عززت القوانين السابقة والممارسات العملية فكرة وصاية الدولة والمجتمع على الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي ظهرت جليةً في الآونة الأخيرة من خلال تجاهل الكثير من المقترحات التي تقدم بها عدد من الممثلين عن هذه الشريحة قبيل إصدار المرسوم /19/ الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أن بعض مواد القوانين التي كانت من حيث النص ملاءمة إلى حدٍ ما لطموحاتهم وتطلعاتهم، لم يكن لها آلية تنفيذ ملموسة على الأرض.
وفي ظل المجريات الأخيرة في البلاد، يرى الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة أن الفرصة باتت سانحة ليكون لهم دور في المشاركة الحقيقية بوضع القوانين التي تحفظ حقوقهم والإشراف على تنفيذها.
تحديات
إن تغييب صوت الأشخاص ذوي الإعاقة لسنوات طويلة كان له العديد من التأثيرات السلبية التي تعرقل مسيرة حصولهم على حقوقهم، حيث ما يزال فكر الوصاية مهيمناً على خطابهم، فالبعض يتحدثون عن حقوقهم بصيغة الاستجداء من أصحاب القرار بدلاً من سعيهم لأن يكونوا شركاء في صنع القرار.
كذلك فإن النظرة التشاؤمية التي سبَّبها فقدان الثقة بأصحاب القرار مازالت لدى العديد منهم بأن الواقع المرير الذي عانوا منه لن يتغير مهما تغيرت الوجوه في المشهد السياسي.
علاوةً على ذلك، فإن أكبر تحدٍ لهم اليوم هو انتداب ممثلين عنهم بغرض خلق قنوات تواصل بين أصحاب الحقوق وأصحاب القرار، ذلك أن بعضهم يخشى أن يكون التمثيل امتيازاً للممثلين وليس مسؤولية هدفها تنظيم الحوار، إضافة لعدم وجود معايير واضحة لاختيار الأشخاص المناسبين.
فرصة لا تعوض
يقال “إذا هبت رياحك فاغتنمها”، ورياح التغيير في سوريا اليوم تُعدّ فرصة ذهبية يتوجب على الأشخاص ذوي الإعاقة اغتنامها، وخاصة مع نية الحكومة الجديدة عقد حوار وطني يشمل كافة أطياف المجتمع السوري، وبالتالي فمن الضروري أن تكون شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة حاضرة في هذا الحوار. ولكن تحقيق هذا الأمر يتطلب الكثير من التنسيق والتنظيم لهذه الشريحة من أجل الخروج بمطالب واضحة ومحددة وقابلة للتنفيذ وصولاً لبناء المجتمع الذي لطالما حلموا به.