تواظب روان على حضور تدريبات رياضة الأيكيدو.. بدعم من أهلها وتأكيدهم على حضور التدريبات لما وجدوه من تغييرات إيجابية تركتها هذه الرياضة على حياتها وشخصيتها وثقتها بنفسها.. يؤمن أهل روان وغيرهم من الأهالي الذين اختبروا هذه الرياضة بدورها في “تطويرالثقة بالنفس” وتحسين التركيز والانتباه” كما أجمع الأهالي على أهميتها في تعزيز التواصل الاجتماعي، فأثناء التدريبات تلتقي روان بمجموعة من الأشخاص الذين يشبهونها ونشأت ما بينهم صداقات نجم عنها نشاطات أكبر ومشاركات عديدة في نشاطات اجتماعية وفنية في المجتمع. ورغم الدور الإيجابي الذي تلعبه هذه الرياضة التي سميت برياضة السلام فإن النزاع المسلح قد منع جميل ابن حلب من المشاركة في أي نوع من هذه الرياضات رغم إدراك عائلته للفوائد المحتملة لرياضة الأيكيدو للأشخاص ذوي الإعاقة، ويلخص أهالي جميل أهم المعوقات التي تمنعهم من إرسال ابنهم إلى نشاطات مشابهة” بالصعوبات الاقتصادية وعدم القدرة على تأمين المواصلات… الخ” وبشكل عام هناك تحديات متعددة تحول دون الوصول إلى مراكز التدريب مثل قلة المرافق والموارد المتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة وصعوبة الوصول إلى الأندية والمراكز التدريبية في ظل النزاع المستمر.
ورغم كل هذه التحديات شقت رياضة الأيكيدو طريقها في سورية رغم كل الظروف، فمالسر الذي جعل هذه الرياضة محبوبة وجماهيرية في سوريأ؟
رياضة السلام في بلد الحرب
الأيكيدو التي تمارس منذ قرون طويلة في العديد من دول العالم وتعرف بأنها رياضة السلام لكونها رياضة دفاعية غير هجومية استقطبت خلال السنوات العشر الماضية منذ دخولها إلى سورية العديد من الرياضيين والمدربين لممارستها فأتقنوا حركاتها وأبدعوا بعروضها. تعتبر سورية من الدول التي شهدت نمواً متزايداً في شعبية رياضة الأيكيدو على مدار العقود الأخيرة.فرغم التحديات التي واجهت البلاد بسبب النزاع المستمر، استطاعت رياضة الأيكيدو الازدهار وتوسيع انتشارها في المجتمع السوري
ويرى أحد المحللين النفسيين بأن الأيكيدو حظي بشعبية كبيرة في سورية لعدة أسباب:
إنه فن قتالي غير عنيف. هذا أمر جذاب للناس في سورية، حيث كانت هناك حرب أهلية طويلة ودموية. يعلم أيكيدو ممارسيه استخدام زخم المهاجم ضدهم، بدلاً من الاعتماد على القوة الغاشمة. هذا يجعلها تقنية دفاع عن النفس أكثر فاعلية في قتال الشوارع ، كما أنها تعلم ممارسيها أن يكونوا أكثر سلاماً وأقل عدوانية في حياتهم اليومية.
إنه فن قتالي روحي. يعلم أيكيدو ممارسيه التركيز على تنفسهم وتنمية الشعور بالهدوء والتركيز. يمكن أن يكون هذا مفيداً للأشخاص الذين يعيشون في بيئة مرهقة، مثل سورية. يمكن أن يساعد أيكيدو الناس أيضاً على تطوير الإحساس بالهدف والمعنى في حياتهم.
إنه فن قتالي مجتمعي المنحى. غالباً ما يكون لدى أيكيدو دوجوس (قاعات التدريب) شعور قوي بالانتماء للمجتمع. يمكن أن يكون هذا تغييراً مرحباً به للأشخاص الذين نزحوا بسبب الحرب أو الذين فقدوا أحباءهم. يمكن أن يوفر أيكيدو شعوراً بالانتماء والدعم للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه.
بالإضافة إلى هذه الأسباب، فإن الأيكيدو هو أيضًا فن قتالي سهل التعلم نسبياً. لا يتطلب الكثير من القوة أو الرياضة، مما يجعله في متناول الأشخاص من جميع الأعمار ومستويات اللياقة البدنية. وهذا سبب آخر لشعبية الأيكيدو في سورية، حيث يعاني الكثير من الناس من جروح جسدية أو عاطفية بسبب الحرب.
الأيكيدو والإعاقة
تتمتع روان وآية و ولاء وغيرهم بالميزات الكثيرة لرياضة الأيكيدو ويؤكد ذووهم على المزايا التي أدخلتها الرياضة على حياتهم، ويرغب كثير من الأهالي ومن بينهم والدا جميل بإدراج أبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة بهذا النوع من النشاطات. ولكن يقول أبو جميل “في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة أكتفي بتفكيري بتأمين الأساسيات من طعام وطبابة وتعليم و عندما أرى وأقرأ عن فوائد هذه الرياضات في الاعلام أتمنى أن يكون ابني بينهم ولكن لا أستطيع. ” وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه الفئة الهامة من المجتمع في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية الصعبة في سورية، فإن رياضة الأيكيدو تعتبر فعالة في تمكينهم وتحسين جودة حياتهم.
تُعتبر رياضة الأيكيدو مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة بسبب بعض العوامل التي تميزها مثل
“التركيز على التقنيات الدفاعية” فرياضة الأيكيدو تركز على استخدام تقنيات الدفاع الفعالة التي تعتمد على توجيه قوة الخصم ضده، بدلاً من الاعتماد على القوة البدنية الكبيرة. هذا يجعلها مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين قد يكون لديهم قدرات جسدية مختلفة و”التحفيز النفسي” حيث تساعد على تحسين الثقة بالنفس إضافة إلى “البيئة الداعمة” التي توفرها أندية الأيكيدو والمراكز التدريبية في سورية. حيث يتم توجيه الاهتمام والاحترام لهم، ويتم مساعدتهم على تحسين مهاراتهم الجسدية والذهنية.
في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها سورية بسبب النزاع المستمر، يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة تحديات كبيرة في الحصول على الدعم والرعاية اللازمة للتأقلم مع وضعهم. ومن هذا المنطلق، أصبحت رياضة الأيكيدو فرصة هامة لتحسين نوعية حياة هؤلاء الأشخاص وتمكينهم.
يذكر ناصر رستم أمين سر لجنة رياضة الأيكيدو في دمشق بعض فوائد ممارسة رياضة الأيكيدو للأشخاص ذوي الإعاقة في سورية:
1. تحسين المرونة والتوازن: يُعتبر تحسين المرونة والتوازن أمراً هاماً للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يمكن لهذه القدرات أن تحسن من حركتهم وتساعدهم على تجاوز الصعاب التي يواجهونها في الحياة اليومية.
2. تطوير الثقة بالنفس: يمكن أن تساعد رياضة الأيكيدو الأشخاص ذوي الإعاقة على تحسين ثقتهم بأنفسهم وزيادة إيجابيتهم وتفاؤلهم تجاه الحياة.
التواصل الاجتماعي: تُعزِّز رياضة الأيكيدو التواصل الاجتماعي بين الممارسين، مما يساهم في تحسين العلاقات الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة وتشجيعهم على المشاركة النشطة في المجتمع.
تحسين التركيز والانتباه: تُعزِّز رياضة الأيكيدو التركيز والانتباه لدى الممارسين، مما يساعدهم على التفاعل مع البيئة المحيطة بشكل أفضل وتحقيق التحسين في حياتهم اليومية.
التغلب على التحديات: تساعد رياضة الأيكيدو الأشخاص ذوي الإعاقة على تعلم كيفية التغلب على التحديات والصعاب، وتعزز لديهم روح المثابرة والإصرار.
ما هي الأيكيدو وكيف انتشر في سورية؟
لعبة السلام و هارموني الفنون الدفاعية رياضة دفاعية دخلت سورية عبر البوابة اليابانية في العام ٢٠٠٩ من خلال منظمة جايكا اليابانية في استقدام المدرب الياباني هيديفومي يومي أوكا.. الأشخاص وتمكينهم.
يعرف ناصر رستم أمين سر لجنة رياضة الأيكيدو في دمشق الأيكيدو بأنه “فن من الفنون الدفاعية الذي تم تطويره في القرن العشرين على يد مخترع هذا الفن موريهي أويشيبا.. وكلمة أيكيدو هي مؤلفه من ثلاث مقاطع (أي كي دو).
أي Ai وتعني الانسجام والتوافق ويتجلى هذا المعنى في الدوران المستخدم بكثرة في الأيكيدو.
كي Ki وتعني الطاقة الكامنة الموجودة في الأشخاص واستحضارها أمر صعب لكن من الممكن لأي إنسان عادي أن يستخدمها وهو لا يدري.
دو Do تعني الطريقة أو الفن.
فكلمة أيكيدو بشكل عام تعني طريقة تناسق الطاقة مع الجسد والتناغم والدخول في حركات المهاجم للسيطرة عليه والوصول إلى نقاط الضعف لديه.
ويضيف رستم بأن لعبة الأيكيدو تعتمد على مبدأ الدفاع والسيطرة ويجب أن يتميز لاعب الأيكيدو بالآتي:
١- سرعة رد الفعل.
٢- استخدام جميع حواس الإنسان في التدريب.
٣- وجود توافق عضلي عصبي عند أداء الحركات.
تحديات
تنظم العديد من المنظمات غير الحكومية والأندية الرياضية في سورية دورات لرياضة الأيكيدو للأشخاص ذوي الإعاقة. تلك الدورات تساهم في توفير بيئة آمنة وداعمة للممارسين، وتعمل على تعزيز التماسك الاجتماعي وتقديم فرصة لتحسين الصحة النفسية والجسدية.
رغم أن التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في سورية قد تكون كبيرة، فإن رياضة الأيكيدو تبقى فرصة قيمة لتحسين حياتهم ودعمهم في مواجهة الظروف الصعبة وتحقيق تطورات إيجابية في حياتهم الشخصية والاجتماعية
. ورغم أن رياضة الأيكيدو تواجه تحديات في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية، إلا أن ارتفاع شعبيتها يشير إلى دورها الإيجابي في بناء شخصيات قوية ومتزنة
و تعد رياضة الأيكيدو في سورية مثالًا للتحديات والفرص الكبيرة التي تواجه الرياضات القتالية في ظروف النزاع، ومع ذلك، فإن تأثيرها الإيجابي على حياة الناس يظل واضحاً وملموساً.