ساق وقدم وركبة..
ساقين وقدم وركبة…ساق ونصف ساق وقدم وركبة.
أعتقد أني عددت أجزائي بشكل صحيح في المرة الأخيرة. هذا هو ما قد بقي مني…
يُعرف الناس أنفسهم بما يملكونه…. لكن بالنسبة لإمرأة بُتر أحد أعضائها.. يُعرفها كثيرٌ من الناس بما فقدت.
إذاً. لقد بترت ساقي في الحرب، لقد فقد الناس أولادهم وأحبتهم وأحياناً فقدوا عقولهم. عندما أجلس وأفكر في الأمر، أعرف أني ممتنة وسعيدة أني بقيت مع أطفالي وأني أستطيع التأقلم مع إعاقتي. أتحرك، أمشي، وأحياناً قد أرقص، لكني أحب الجلوس. لقد تعلمت البحث عن السلام أثناء جلوسي . أيامًا وأيامًا ، وشهورًا وشهورًا منتظرة أن أستطيع تركيب طرف صناعي يكون تعويضاُ عما فقدته.
سيليكون، بلاستيك وحديد ستكون بدلاً عن الدم والعظام والأنسجة. تبدو معادلة منطقية؟ لا ليست كذلك، لكن ذلك غير مهم. لقد علمني الجلوس أن أتوصل إلى اتفاق سلام مع حياتي المعوقة، أو ربما لأنه لم يكن لدي خيار آخر.
لم يكن هناك وقت أو طاقة لغير السلام، فأولا هناك الحرب في الخارج، ثم هناك الأطفال والزوج والعائلة. ثم هناك كل تلك العيون والكلمات واللحظات.
غالباً ما يقول لي الناس أني قوية… أشعر بالغضب وأكبته.
عندما صعدت على قمة جبل صغير، صفقوا لي… أشعر بالغضب وأكبته.
تقول لي صديقتي أن الجميع سيبقى يحبني… أشعر بالغضب وأكبته.
يلمس ابن أختي ذو الأربع سنوات رجلي الصناعية، يتحسسها برفق ويربت عليها. أشعر بالسلام مجدداً.. يخف الألم هناك. ذلك الألم في نهاية فخذي قبل الوصول للركبة، هناك حيث جرح البتر يغوص في جسدي حتى يبلغ الروح. الفالق الأحمر الذي تحدده ثلاثة وعشرون قطبة لا يمنع الوجع من الصراخ في أصابع قدمي. أستيقظ في منتصف الليل من الوخز الكهربائي في قدمي.. أتحسسها، أتذكر أنها غير موجودة. يسميه الأطباء “الألم الشبحي”، إنه وهم إذاً. لكني أشعر به كأنه أكثر اللحظات صدقاً، في حين أني أتذكر الانفجار والأصوات والصراخ وصوت زوجي يخبرني بأني ساقي بترت من فوق الركبة كأطياف وهواجس، تبدو حلماً. كأن عقلي يرفض التصديق… كأني أحارب الحقيقة الخاصة بي. يريد عقلي وقلبي حياة لا يستطيع جسدي تحقيقها.
كلما حاربت هذه الحقيقة ، كلما أثرت سلبًا على صحتي وسأعود إلى حيث بدأت ،جالسة.
لكني تعلمت فن الجلوس. لقد قضيت وقتاً طويلا في الجلوس، في الأوقات التي لم أكن فيها على السرير أو الكرسي المتحرك، كنت على الكنبة متكئة على النصف الكامل من جسدي. مللت من انتظار حدوث”المعجزة” ثم سئمت من “الشفقة” على نفسي وتعبت من “الغضب” من الآخرين، خصصت أوقات جلوسي الطويلة لخوض مفاوضات سلام شاقة مع بقية أجزائي… استغرق الأمر وقتًا للاستماع إلى صوت روحي التي بقيت كاملة .
غالبًا ما تقيدنا أجسادنت المصابة إلى سرير أو غرفة دون موافقتنا، فيكون من الصعب علينا رؤية الجمال والشعور بالسلام في لحظة نشعر فيها أننا فقدنا السيطرة على حياتنا. نشعر أننا سجناء داخل إعاقتنا. يمكن أن يدفعنا خوفنا من القضبان داخل رؤوسنا إلى الجنون. لكن الطريقة الوحيدة لمواجهة تلك الشياطين وإخراج هذه المشاعر هي من خلال المرور فيها والخروج منها. أن تنظر لها كنفق مظلم أنت مجبر على المرور به والخروج من طرفه الآخر، لا على أنها حبس أبدي. علمني الجلوس أن أدع نفسي تبكي أو تصرخ عندما أحتاج إلى ذلك. وأنا أعلم يقيناً أنه وعندما أكون صادقه مع نفسي، سأكون مستعدة لفتح قلبي للحظة السلام عندما يحين وقتها..