الإرادة

إسعاد الأطفال ذوي الإعاقة: ليس معجزة، بل فهم وتواصل

منصة إرادة: وسيم كناكرية

 

أتى عيد الأضحى حاملًا معه الأسئلة التي اعتدت سماعها من أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة. تلك الأسئلة، من نوع السهل الممتنع، يمكنني تلخيصها بسؤال واحد: كيف أسعد طفلي في أيام العيد؟ إجابته لا تحتاج لجهد كبير أو لمبالغ طائلة. كل ما يتطلبه الأمر هو أن نُغير قليلًا من طريقة تفكيرنا، أو نُراقب تصرفاتنا وكلماتنا، والأهم أن نُعي أن الطفل من ذوي الإعاقة لا يختلف عن باقي الأطفال. فهو يحتاج أن يلعب ويلهو ويتعثر ويتشاجر ويخرج مع أصدقائه ومع أهله، وأن يشعر باستقلاليته وحب المحيطين به لا شفقتهم. لذلك، سأقدم بعض النصائح المستمدة من تجربتي كشخص من ذوي الإعاقة أولًا، وكتواصل مباشر مع الأشخاص ذوي الإعاقة من كافة الفئات العمرية.

التصالح مع الإعاقة: أساس كل تواصل

يجب على الأسر أن تكون على وعي بالتأثيرات الناتجة عن الإعاقة، وبالمُعوِّضات التي تُسهِّل الوصول (مثل المعينات البصرية والسمعية والحركية). بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إدراك أن ذوي الإعاقة يستعيضون بالحواس الأخرى لفهم العالم وإدراكه، بما في ذلك فهم المشاعر والتعامل معها.

عيد الأضحى في سوريا هو زمن الفرح والبهجة، حيث تملأ المراجيح والألعاب المتنقلة الساحات، وتُضاء الشوارع بالأضواء الملونة. تتزين الموائد بحلوى المعمول والراحة الشهية، وتجتمع العائلات الكبيرة لتبادل الزيارات والتهاني. لنتأكد أن هذا العيد يمنح جميع الأطفال، بمن فيهم ذوو الإعاقة، فرصة للاستمتاع بأمان وسعادة مثل أقرانهم.

الحب لا يعني الإفراط في الحماية

تذكر جيدًا أن الإفراط في المشاعر والاهتمام والحماية لا يختلف في سوئه أبدًا عن التجاهل وعدم الاهتمام. فكل ما ذُكر سابقًا يؤدي إلى نتيجة واحدة: أن يشعر الطفل بأنه مختلف عن محيطه. والأسوأ هو أن محيطه سيقابله بنفس الشعور، مما يؤدي لمشاكل كارثية كالتنمر أو الإقصاء.

لذلك، تعامل مع الشخص ذي الإعاقة بشكل طبيعي، وتأكد بأنك لن تحيا للأبد لتبقى مشرفًا عليه وحاميًا له ومرافقًا. وتأكد أنه ليس بالضروري أن يعامله المجتمع كما أنت تعامله. دعه يختبر الحياة بتحدياتها وأفراحها، مع توجيهك ودعمك.

أنا وطفلي: إلى أين؟

الخروج في أيام العيد هو نشاط أساسي، وتختلف تفضيلاته ووجهته بين فرد وآخر. هذا يعني أنه ليس بالضروري أن الأماكن التي يستمتع فيها الوالدان ستكون ذاتها التي يفضلها الطفل. لذلك، سؤال صغير عن رأي الطفل بالوجهة المقصودة، واحترام رغبته بالقبول أو الرفض، يعززان ثقته بنفسه ويجعلانه يشعر أنه ليس مجرد حقيبة يصطحبها والداه أينما ذهبا.

أما بالنسبة لليافعين، فمن الضروري أن يخرجوا مع أصدقائهم إن أرادوا، ويحصلوا على مساحتهم الخاصة دون تواجد الأهل معهم، مثلهم مثل أي يافع آخر. يقتصر دور الأهل على إيصالهم للأماكن التي يرغبون بالذهاب إليها، شريطة أن يكون المكان متناسبًا مع طبيعة الإعاقة. فمن غير المنطقي إرسال شخص من ذوي الإعاقة البصرية إلى صالة ألعاب إلكترونية تعتمد بشكل كامل على البصر، مع مراعاة مصارحة الأهل لهم بسبب الرفض، والأهم اقتراح بديل مناسب كصالة ألعاب ميكانيكية.

ومن أكثر السلوكيات السلبية لدى الأهالي هو استعطاف أقران الطفل ذي الإعاقة ليصطحبوه معهم، ويزيد الأمر سوءًا إن لم تكن تربطهم ببعض علاقة جيدة.

من المهم أيضًا أن تخرج الأسر مع الشخص ذي الإعاقة إلى أماكن عامة كمدن الألعاب والمطاعم والحدائق التي تتناسب مع طبيعة إعاقة الشخص. مثال: وجود منحدرات أو مصاعد لسهولة التنقل لذوي الإعاقة الحركية، أو في حالة الإعاقة البصرية، وجود مؤثرات صوتية تُعَوِّض عن المناظر الطبيعية كصوت نهر أو بحيرة أو زقزقة عصافير.

الهدية المناسبة: العيدية ملكه

لا عيد بلا عيدية. وجود إعاقة لا يعني أن الشخص لا يحتاج للنقود أو أن نقود العيدية يجب أن تُصرف على دوائه أو لباسه، أو أن تقوم الأمهات بحفظ العيدية له إلى أجل غير مسمى. بل يجب أن نشجعه على أن يقرر هو بنفسه ما يريد فعله بالنقود، بالطبع مع بعض النصائح لتصويب ذلك القرار.

فمن الطبيعي أن يشتري الأطفال ألعابًا بنقودهم، ومن الضروري أن نساعد الطفل باختيار الألعاب المناسبة لطبيعة الإعاقة. وهذا ليس مستحيلًا، ولكنه يتطلب بعض البحث والابتكار. فمن أكثر من يعاني في إيجاد ألعاب مناسبة هم أسر الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، وذلك بسبب تركيز معظم الألعاب على حاسة البصر. ولكن ذلك يمكن تجاوزه في حال وضع علامات على الألعاب لتصبح قابلة للمس، أو إيجاد أحاجي ملموسة كالتنغرام، ولا ننسى مكعبات الليغو.

ختامًا، مراعاتنا لشخصية ورغبات واحتياجات أطفالنا، سواء كانوا من ذوي الإعاقة أو من غير ذوي الإعاقة، هي حق لهم وواجب علينا. وهي شيء من شأنه أن يؤثر بشكل كامل على مستقبلهم سلبًا أم إيجابًا. تلك المراعاة لا تكلف الكثير سوى بعض الجهد والوقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *