الإرادة

“أغمض عينيك”: دراما الإعاقة في أصدق تجلياتها الإبداعية

عبد الكريم عمرين

منذ ستينات وسبعينات القرن المنصرم، قدمت الدراما العربية عبر الإذاعة والسينما والتلفزيون والمسرح، شخصيات من ذوي الإعاقة وُظفت في المُنتج الدرامي لتكون مصدر سخرية وضحك، أو صورت صاحب الاحتياجات الخاصة كرجل غبي وعبيط، أو قُدِّمَ كمهرج يلقي العظات والحكم دون أن يفهمه أحد، أو كرجل أعمى بروح فكهة كشخصية الشيخ حسني التي أداها الممثل المصري القدير محمود عبد العزيز في فيلم الكيت كات، كما قدم المسلسل الشهير “باب الحارة” شخصية صطيف الأعمى كرجل جاسوس وسارق وقاتل. بالإضافة إلى أن فنون السينما والتلفزيون والمسرح قدمت شخصيات الأقزام كمصدر للسخرية كما فعل كل من الممثلين المصري سمير غانم والكويتي عبد الحسين عبد الرضا في مسلسل: الدرب الزلق، أما عادل إمام فقد سخر من أصحاب الاحتياجات الخاصة وقلّد مشية الأعرج والأعمى والأعور، بهدف الضحك الرخيص، كما قلّد كلام الألثغ.








تعتبر الممثلة المصرية سميرة أحمد هي الممثلة الوحيدة التي جسدت خمس شخصيات نسائية معوقة في خمسة أفلام. لكن هذه الشخصيات مهزومة يصنع الآخرون واقعها وحياتها وهي عاجزة عن صنع شيء جليل وقوي ليكون فعلها أكثر إيجابية وانتصاراً لذاتها. في الدراما التلفزيونية لم يختلف الأمر كثيراً، فقد ظل المعوق على هامش الأعمال الفنية، مثل شخصية “العبيط” التي قام بها الفنان أشرف عبد الباقي في مسلسل “وما زال النيل يجري”، كذلك شخصية “وليد” المعوق ذهنيًا في مسلسل “الرجل الآخر” بطولة الفنان نور الشريف، إلا أن أفضل ما قدمته الدراما المصرية بهذا الصدد هو مسلسل: “سارة” من بطولة حنان ترك، التي لعبت دور معوقة  “توقف نموها العقلي عند مرحلة الطفولة ثم تدخل في غيبوبة لعدة أعوام، إلا أن الأقدار تضعها أمام طبيب شاب يقرر خوض مغامرة إنقاذها من غيبوبتها وتعليمها، وينجح في أن يجعلها تسترد حياتها وثروتها من أسرتها التي تجاهلتها ومنعتها من حقوقها، وكأن المسلسل يشير إلى الأسرة الأكبر وهي المجتمع الذي يمارس أدواراً سلبية اتجاه المعوقين، وقد استطاع المسلسل الدخول إلى عالم النفس وتحليل المشكلة ومحاولة حلها، الأمر الذي جعله المسلسل الوحيد تقريباً الذي حفظ للدراما ماء الوجه أمام المعوقين”.

أما أسوأ ما قدمته الدراما المصرية من مواضيع عن المعوقين فهو “فيلم “الحرامي والعبيط” عام 2013 الذي طالب المجلس القومي لشؤون الإعاقة في مصر، بوقف عرضه لإظهاره المعوق بصورة سلبية، وطالب المجلس خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، المصري، بتغيير نظرة المجتمع للمعوقين، موضحاً أن في مصر 4 ملايين طفل معوق”. أما عدد المعوقين في العالم فهو حوالي 500 مليون شخص منهم عشرون مليون شخص في العالم العربي.

“تصور الدراما “العربية” النساء ذوات الإعاقة على أنهن معنّفات ومحلّ شفقة وضحايا اغتصاب وتحرش جنسي، لاسيما المصابات بأمراض وإعاقات ذهنية، ومثال ذلك الفيلم المصري “توت توت”، الذي تم إنتاجه عام 1993، وتدور أحداثه حول فتاة تعاني من مرض ذهني، وتعيش في حي شعبي، جسدّت دورها الفنانة  نبيلة عبيد.

“على النقيض من ذلك، تصور الدراما العربية ذوي الإعاقة من الرجال على أنهم مثال للتحدي والذكاء والفاعلية، ومثال ذلك المسلسل السوري “وراء الشمس”، الذي عُرض عام 2010،  وتدور أحداثه حول شخصية “بدر”، الرجل المصاب بطيف التوحد الذي أثبت ذكائه وبراعته لاسيما بمهنته في صيانة الساعات، ولعب دوره الفنان بسام كوسا.”








وقد طرأ تحسن ملموس في فهم التعامل مع ذوي الإعاقة في الدراما العربية ففي مصر قدمت لجنة المرأة ذات الإعاقة بالمجلس القومى للمرأة التقرير السنوى الثالث لرصد صور المرأة ذات الإعاقة فى الدراما والمادة الإعلانية على شاشات الفضائيات خلال شهر رمضان ورصد التقرير وجود 7 شخصيات فقط من النساء ذوات إعاقة من بين ألف ومائتي شخصية نسائية تقريباً فى 520 ساعة دراما وأكثر من 160 إعلان مختلف وأكثر من 42 برنامجاً حوارياً وكوميدياً، فى دراما وبرامج وإعلانات رمضان 2021.

هذا العام وفي الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2024، تخطو شركة الأدهم للإنتاج التلفزيوني الخطوة الأهم في تاريخها الفني، فتتخلص من إنتاج مسلسلات البيئة الشامية التي تخلى الجمهور السوري عن متابعتها، فقد أتخم بسردياتها الساذجة ومواضيعها السطحية وعنترياتها المختلقة والمقحمة في قصصها، وبعد سنتين من التوقف وتأمل المشهد الدرامي العربي والسوري بخاصة، قررت الشركة ومديرها ومخرجها مؤمن الملا أن تبتعد الشركة عن تريندات الدراما السنوية وتقليعاتها وفرض نجومها شروطهم على شركات الإنتاج ومحطات البث أحياناً، فلا شيخ جديد للجبل، ولا طحن عظم ولا صبايا يتعاطون الأزياء والتفاهة والتسطيح وليس للمفرشخة ابن، ولا تزوير أو تحوير للتاريخ القريب أو البعيد ولا اسكتشات فوق بقع الضوء، وليس للمدير العام يوميات، وليس كل مربى هو مربى عز….الخ، فكل هذه الدرامات وغيرها تقوم على لعب 3 ورقات تأليفاً وإخراجاً وإنتاجاً.

لقد قررت شركة الأدهم أن تشق طريقاً جديداً في الدراما السورية والعربية، وأن تقدم فناً نظيفاً بسيطاً وصادقاً يخاطب أفئدة الناس  وقلوبهم فولد بعد مخاض وجهد ووقت مسلسل: “أغمض عينيك”.

قَدَر حياة “أمل عرفة” أن تدخل متاهة الحياة في ظل بؤس وظلم، فوالدها سميك الدماغ ومتخلف ودكتاتور في عائلته، وكم هو قاس وكم هو مر أن يعيش الإنسان تحت جناح دكتاتور متخلف، والمفارقة أن هذا المارد الجبار الظالم في أسرته، هو ذليل أمام رب عمله، ففي عمله كفرّاش في فندق، يعيش والد حياة أبو رجا “فايز قزق” حالة سيكولوجية الإنسان المقهور في عمله، لكنه قاهر في أسرته، وأم رجا “منى واصف” لاحول لها ولا قوة، هي تابعة، امرأة طيبة وبسيطة غايتها إسعاد زوجها، لأنها تحبه، وعليها واجب الطاعة، بالإضافه إلى أنها تخافه. في بيت أبو رجا هذا الثالوث، أبو رجا وأم رجا وابنتهما حياة، التي عانت كابوس دكتاتورية الأب الذكر الظالم، فأرادت أن تهرب منه وترمي بنيرها بعيداً فأحبت شاباً، وربما تخيلت أنها أحبت، وهربت معه دون موافقة والدها لتؤسس مملكتها من الأنوثة والأمومة والحب، لكن صفعة جديدة ترمي بحياة على قارعة طريق أكثر بؤساً وظلماً ستعيشه في قابل الأيام، فتلد جود “زيد البيروتي” الذي تكتشف أنه مصاب باضطراب طيف التوحد، ويهجرها زوجها، فتعمل في معمل للأدوية لتعيل نفسها وابنها بعد قرار أبو رجا أن يلفظها ويتبرأ منها ويرفض أن يكون جداً لجود، ويرفض عودتها إلى منزله بالطبع لأنها نكَّست رأسه ووضعته في وحل العار.

إذا كانت الدراما بالمطلق هي صراع الأضداد، إلا أن للدراما في مقام الإعاقة، شأن أكبر وأهم وأوسع وأعمق من مفهوم الدراما كصراع للأضداد، وآلية التلقي والتأويل عند المشاهد تختلف بالكلية عنها عند مشاهد الدراما العادية، وأن تجمع في عمل درامي واحد بين نماذج شخصيات للناس الأسوياء وبين طفل ومن ثم شاب معوق مصاب باضطراب التوحد، بحيث تكون شخصية المعوق هنا لحمة وسدا المنجز الدرامي والجمالي، وتكون هذه الشخصية كاشفة لجوانب عقلية وروحية ونفسية لهذه الشخصيات، عدا عن كونها الرافعة الرئيسة وعلّة المواقف الحياتية المصيرية  لهذه الشخصيات. فجود كطفل معوق أو صاحب احتياجات خاصة، هو الذي يدفع أمه حياة لأن ترتكب خطأ سحب المواد الأولية المخدرة من مستودع الشركة التي تعمل بها، بحجة يقدمها لها زميلها سليم يدعي فيها أن شركة أدوية أخرى تحتاج كمية من هذه المواد لكي تستمر في إنتاجها الدوائي، لأن هذه الشركة تأخر وصول بضاعتها باستيراد هذه المادة. جود الطفل المتوحد دفع يامن/جابر جوخدار/ لأن يحب سلام/ حلا رجب، وسلام تحب يامن، فهما يعملان معاً في مركز اضطراب التوحد، فدافع الحب النبيل للأطفال المتوحدين في عملهما دفعهما ليحب أحدهما الآخر وكأن النبل والحب الإنساني لا تغلق دائرته في مركز اضطراب التوحد وإنما تمتد إلى قلوب وأرواح الناس ليصبح الحب ليس نرجسية ومشاعر فرد لفرد من البشر بل هو حب النبل في الآخر حب السمو المتجسد في الآخر. وعمل المركز هو تمكين الأطفال من ذوي الإعاقة العضوية والذهنية من تنمية قدراتهم وتجاوز إعاقاتهم، وإكسابهم ثقة في النفس، بالكشف عن  المكبوت وإظهار القدرات الباطنية والأحاسيس الدفينة. وقبل كل شيء وآخر كل شيء بذل الحب الحقيقي للمعوقين.

وجود يدفع مؤنس/ عبد المنعم عمايري لأن يحيا بأنفاس جود الطفل البريء المتوحد الذي ظلمته البيولوجيا وأسرته، جود يجعل لحياة مؤنس معنى سام وراق، خصوصاً أن مؤنس أستاذ الرياضيات المتقاعد يعيش وحيداً لفقده زوجته وغياب ولده في بلاد الاغتراب. وجود المصاب باضطراب طيف التوحد يفضح سلوك جده أبو رجا/ فايز قزق، الذي ينكر جود كولد لابنته حياة، كما ينكر حياة، وجود يدفع جدته أم رجا/ منى واصف لأن تكسر سلاسل الذل والخنوع التي كبلها بها أبو رجا، جود جعل أم رجا تنتفض في وجه زوجها لقسوته وتخلفه وذكوريته وظلمه.

هذا هو جود في القسم الأول من حكاية مسلسل أغمض عينيك، طفل هو كاشف كعبّاد الشمس، يحرك الشخصيات، فتدخل أمه السجن بدافع حبها لابنها جود ويغرر بها، ويدفع سلام لتسافر وتحصل على الدكتوراه في اختصاص معالجة أطفال التوحد فتتخلص من يامن، ويدفع يامن ليهاجر ويعمل في بلد عربي ثم يعود فيتزوج، ويدفع ماهر ابن مؤنس لارتكاب جريمة بحق أبيه وابتزازه، وطرد جود من بيت مؤنس.

بعد 15 عاماً يصبح جود شاباً في الجامعة، وتخرج أمه حياة من السجن بعد أن قضت محكوميتها، وتعود سلام من أوروبا بشهادة الدكتوراه، وتتبوأ منصباً حكومياً بارزاً، يموت أبو رجا كمداً، ومؤنس يعاني من ورم دماغي والأهم أن جود يصارع الحياة والآخرين بقلب طيب وشفاف، هو لا يعرف الكذب ولا الخداع بل يذهب به الأمر ليكون ضحية الكذب والخداع من زملائه في الجامعة، فيستغلون تميزه وعلمه الغزير وإبداعه في علوم الكومبيوتر، فتدخل صديقته سارة إلى حساب أستاذتها في الجامعة بعد أن تحصل على كلمة السر من جود الذي يستطيع أن يعرف كلمة سر أي إنسان بمجرد أن يراقب  حركة يد من يدخل كلمة السر في حسابه، وتبدأ أمه بالانتقام من سليم الذي بدَّل اسمه وصار مديراً لشركة ضخمة وسمساراً ومتعهداً كبيراً ورجل أعمال يهابه الجميع، أما سلام فينتهي زواجها إلى الفشل بسبب أنها لا تنجب، فتنفصل عن زوجها وتتودد ليامن فقد استيقظ حبها له من جديد، كما استيقظ حبه لها.

في القسم الثاني من أغمض عينيك يكون جود/ورد عجيب/ رمزاً للنقاء والصدق والشفافية والابداع أيضاً، لهذا يتعرض إلى أزمات في محيطه العائلي والدراسي…. ولأجل هذا اضطررنا أن نسوق هذا الملخص الشديد التلخيص عن حكاية مسلسل أغمض عينيك، لنبرهن أن هذا المسلسل يتفرد وينفرد بالتعبير الأمثل عن طرح مشكلة الإعاقة، ونعتقد أنه أهم إنتاج درامي محلي وعربي تنطّح لدراما الإعاقة فأبدع، وأثبت لنا أن التشوهات الاجتماعية، الأنانية والفردية، الطمع والجشع، غياب الأخلاق، تخلف العقول والذوق والفهم، أخطاء الأفكار التي نحملها عن هذه الفئات من البشر المعوقين، يجعلنا نحن المعوقين حقيقة لأهم، فالمعوقون أنقياء حد الطهر.

أغمض عينيك في التجسيد الإبداعي:

إن الأهداف النبيلة تحتاج إلى إرادات ووسائل نبيلة لتنفيذها أو تجسيدها، وقد توفر لأغمض عينيك كوكبة من المبدعين والمبدعات، ابتداء من كتاب السيناريو إلى المخرج المبدع وطاقم العمل الفني جميعاً، واللافت حقاً هو أداء الممثلين الإبداعي في تجسيد شخصيات المسلسل فالطفل زيد البيروتي كان مفاجأة سارة كشفت عن موهبة نادرة في تشخيصه لدور جود صاحب السنوات الثماني، أما جود في التاسعة عشرة من عمره فقد جسده الشاب ورد عجيب بإتقان لافت. وأود أن أقف عند سيدة الدراما السورية منى واصف والرائعة أمل عرفة فنانتنا  الشاملة، والجميل عبد المنعم عمايري والرقيقة حلا رجب واللطيف البهي جابر جوخدار والمميز فايز قزق وجميع كاست العمل. البطولة المطلقة والكلية في مسلسل أغمض عينيك هي لجود صاحب الاحتياجات الخاصة:

وهنا تختلف آلية التلقي ومضمونه وشكله ومحتواه، فبدلاً من أن تسترخي كمشاهد في مقعدك، وتنتظر من البطل أن يهزم أعداءه، أو أن تراقبه كيف سيخرج من ورطة إثر أخرى في مسلسلات التريند هذه الأيام، بدلاً من كل ذلك يوقظ البطل الدرامي المعوق فيك أسمى مشاعر النبل والجمال والسمو، ويُطهركَ من دَرَن الحياة اليومية التي تعيش، ودرن الحيوات الدرامية في محيط البطل. إنَّ التطهير الذي يُحدثه البطل المعوق أرقى بكثير من تطهير أرسطو كما في التراجيديات الإغريقية، فطهر ونقاء وصدق البطل المعوق يدفعك كمشاهد لأن تكون بشراً سوياً، ليس عن طريق الشفقة، فمفهوم الشفقة فيه بعض التعالي وبعض المباهاة في أن لديك بقايا من الإنسانية تستطيع بها أن تقول: يا حرام، كان الله في عونه، وحقيقة الأمر أنه: كان الله في عونك. 

ثمة شيء لافت ومهم في الشخصيات النسائية في مسلسل أغمض عينيك، إنهن أيضاَ ينتصرن على إعاقتهنّ، الإعاقة التي حاصرتهنَّ هنا هي المجتمع الذكوري وتخلف المجتمع بنظرته إلى المرأة، إن أم رجا تنتفض، تريد حريتها من زوجها، تماماً كما فعلت نورا في مسرحية بيت الدمية لهنريك إبسن، لكن أم رجا لم تتخل عن زوجها في مرضه بل بقيت وفية للعشرة معه، وفية للحظات كانت فيها سعيدة، فظلت إلى جانبه حتى توفي، وحياة لم تتشرد بسبب هجران زوجها لها، رغم أنها أحبته ذات يوم وتزوجته وأنجبت منه جود الطفل المتوحد، لقد هرب زوج حياة/ الذكر من امرأته وولده، لم يتحمل المسؤولية ولا كان وفياً للعهد والحب والأبوة، فكافحت حياة لتحصل على عمل ولتكون أماً لطفل له وضع خاص، أما سلام فقد عانت من مرض أمها النفسي وظلت تكدح لتعيل والدتها، وأدركت أن المرأة يجب أن تنال أعلى الدرجات العلمية لتضمن لها ولأسرتها مستقبلاً مستقراً، فتدوس على حبها ليامن زميلها في العمل وتغادر لتدرس الدكتوراه في الخارج، إن الشخصيات النسائية في مسلسل أغمض عينيك متخمة بالحب والحرية وتفعل ما بوسعها لتسلك درب المحبة ولتحقق حريتها رغم الصعاب، وتنجح رغم الوقت الطويل والمصاعب الجمة.

أجزم أو أكاد بالقول أن مسلسل “أغمض عينيك” هو أول مسلسل عربي يقدم دراما حقيقية تقوم على حكاية طفل/جود/ مصاب باضطراب طيف  التوحد، وتتفرع عن حكاية جود حكايات تصور الواقع السوري دون تزويق وتنميق أو زعبرات الأكشن، ودون الاقتراب من الحبكات البوليسية المفتعلة أو تقديم البطولة الزائفة في البيئة الدمشقية التي شوهتها الدراما السورية ومازالت ترتكب الإثم ذاته والجريمة ذاتها. إنه إنجاز درامي حقيقي ترفع له القبعة، في زمن طغيان الدراما السائلة إذا ما استعرنا تعبير السيد زيجمونت باومان.