إعداد: ضياء الصفدي
في محافظة السويداء، يعيش مرضى السرطان معاناة مضاعفة، تبدأ من غياب مشفى متخصص داخل المحافظة، ولا تنتهي عند مشقة السفر إلى مشافي العاصمة دمشق، وما يرافقها من تكاليف مرهقة وألم جسدي ونفسي.
أغلب المرضى يعيشون أوضاعاً مادية صعبة تجعل العلاج عبئاً لا يُحتمل، ويلجؤون بشكل أساسي إلى الدعم الإنساني، فحاجتهم ليست فقط للأدوية، بل للمساعدات المادية التي تعينهم على مواجهة المرض.
في هذا المشهد الصعب، تبرز جمعية أصدقاء مرضى السرطان – شفاء كفسحة أمل.

يقول الدكتور عدنان مقلد، رئيس الجمعية، إن عمل الجمعية قائم بشكل شبه كامل على تبرعات أصحاب الأيادي البيضاء من أبناء المحافظة والمغتربين، الذين ساهموا في تغطية حاجات المرضى بعد أن عجزت المؤسسات الرسمية عن تأمينها. ويضيف أن تراجع القدرة الشرائية للناس وغلاء الأدوية والخدمات الصحية وانخفاض توافرها في المشافي الحكومية، كلها عوامل زادت الضغط على الجمعية والمرضى معًا.
تأسست الجمعية في أواخر عام 2007 بمبادرة من متطوعين، واستطاعت عبر السنين تقديم خدمات لا تُقدّر بثمن: من تغطية كلف الأدوية والجرعات والتحاليل، إلى تقديم خدمات النقل المجاني للمشافي في دمشق، ورفع الوعي حول أهمية الكشف المبكر، خصوصًا لسرطان الثدي، الذي وصلت نسبة الإصابة به في السويداء إلى حالة واحدة بين كل تسع نساء.
حتى فكرة شراء “بولمان خاص” لنقل المرضى إلى دمشق، وجدت من يدعمها من المغتربين.
يروي أحد المرضى أن الجمعية وفّرت له وسيلة النقل المجانية طوال فترة العلاج، وساهمت أيضًا بدفع نصف كلفة جرعات العلاج التي تصل أحيانًا إلى مليوني ليرة سورية للجرعة الواحدة، دون احتساب فحوصات التصوير المتقدمة التي تتطلب نفقات إضافية.

من جهته، تحدث الدكتور طارق اسليم، أخصائي الطب النووي والأورام، عن أسباب انتشار المرض، التي تعود لتلوث المياه والهواء، ونمط الحياة والعادات الغذائية، فضلاً عن العامل الوراثي. لكنه شدد على أن الكشف المبكر يبقى العامل الأهم في العلاج، وأن الدعم النفسي للمريض لا يقل أهمية، خاصة عند التعامل مع الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
أما المهندس أمين غزالي، أمين سر الصندوق في الجمعية، فأوضح أن التبرعات – خاصة من المغتربين – تمثل العمود الفقري لعمل الجمعية. لكنه أشار إلى التحديات التي زادت منذ عام 2014، مع غلاء أدوية السرطان وفقدانها من السوق، إضافة إلى تأثير القيود المصرفية الأخيرة على عمليات السحب المالي، مما يحد من قدرة الجمعية على تقديم الدعم السريع.
وبينما تسعى الجمعية منذ عام 2020 إلى بناء مشفى خيري في منطقة “ظهر الجبل”، فإن الأولوية بقيت دائماً لمساعدة المرضى مباشرة، وهو ما أبطأ عملية البناء، رغم اكتمال نحو 20% من المشروع بفضل تبرعات الأرض والبناء من أبناء السويداء في الداخل والاغتراب.
في السويداء، لا يوجد مشفى للسرطان، ولكن هناك “شفاء”… جمعية صغيرة بحجم الأمل، تقاتل لتمنح الحياة من جديد.